2007/01/23

لبنان المقاومة

الحرب الجارية منذ شهر في لبنان حرب إسرائيلية أمريكية تستهدف السيطرة على المنطقة بعد أن حال وجود حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة والضفة الغربية بفلسطين دون تمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها عن طريق مفاوضات السلام. وقد كانت إسرائيل تتحين الفرص للهجوم على لبنان كي تستطيع احتلال الجنوب، سعيا منها وراء تحقيق رغبة جنونية جامحة وملحة لديها تتمثل في القضاء على حزب الله قبل أن يتغير الوضع الدولي وتتلاشى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة من أجل القضاء على ما تسميه ب "الإرهاب" ، خصوصا وأن حزب الله مصنف أمريكياً في خانة المنظمات الإرهابية التي يجب استئصالها، واتخاذ القضاء عليه ذريعة لاجتياح لبنان يمكن إسرائيل من الحصول على دعم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومجموعة من دول أوروبا، ولن يجعل مجلس الأمن في وضع حرج بحثا عن مبرر لهجومها. إن القصف الوحشي الذي قامت به إسرائيل منذ الأيام الأولى للحرب على لبنان وسكانه المدنيين العزل وبنيته التحتية كان متعمدا ومقصوداً لم تكن إسرائيل تسعى من ورائه إلى هزم حزب الله ولا القضاء على منصاته لإطلاق الصواريخ، لأنها ببساطة لا تستطيع بواسطة القصف الجوي لوحده، ولكنها كانت تريد الانتقام من كل اللبنانيين وتكبيدهم خسائر كبيرة في الأرواح وفي البنيات الأساسية علها تجبرهم على الاستسلام دون أن تكلف نفسها عناء مواجهة محاربي حزب الله على الأرض.



سوريا والعدوان على لبنان

عاشت سوريا خلال الحرب الإسرائيلية العدوانية على لبنان وضعاً لا تحسد عليه فهي تتلقى ضغوطاً من جهات متعددة فالولايات المتحدة ما فتئت تبحث عن الذرائع للقضاء على النظام السوري الذي بات يشكل عائقا لا يستهان به أمام أطماعها التوسعية و تهديداً حقيقيا لا يمكن لإسرائيل النوم مطمئنة بوجوده والتفرغ لفرض سيطرتها على الشعب الفلسطيني والمضي في تضييق الخناق على قواه الحية .فالولايات المتحدة الأمريكية لم تكف يوما عن نعت سوريا باحتضان الإرهاب الدولي ولا عن توجيه شتى أنواع التهديد إليها وخصوصاً خلال الحرب على العراق . كما أن تواجد القوات السورية في لبنان كان يشكل ضغطا على الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الأطراف اللبنانية كذلك. سوريا تصرفت بحكمة وبضبط أعصاب لا مثيل له فاستطاعت بدهاء أن تتجنب المواجهة مع الولايات المتحدة ومع إسرائيل و مع المجتمع الدولي دون أن ترتمي في أحضان أحد ودون التفريط في مواقفها القومية المبدئية المتميزة في المنطقة.مورست وتمارس عليها الضغوط باتهامها بدعم مقاتلي حزب الله في لبنان وتزويدهم بالدعم المادي واللوجستي متحالفة في ذلك مع إيران.


حربهم وحربنا

رغم أني لست لا شيعياً ولا لبنانياً ولا حتى من الشرق الأوسط كي أتبنى الدفاع عن نصر الله وحزب الله وانتصاره أو هزيمته، فإنني بالمقابل أود أن أتحدث عن الطرف الآخر في الصراع أي إسرائيل. "إذا كان عقلي ينفعني" ، كما نقول ، فإن إسرائيل هي عدونا كعرب بحكم احتلالها لأرض فلسطيبن وتهجير وتقتيل وإبادة أهلها. وقد ارتكبت العديد من المدابح في حق الفلسطينيين واللبنانيين. وخرقت العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي والعديد من الاتفاقيات الدولية لاجئة دائماً إلى القوة ومستعملة لها بإفراط ضد أطفال الحجارة وضد المدنيين العزل عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. وعندما يكون هناك طرف عربي يقاوم أو يحارب إسرائيل فإن ذلك في جميع الأحوال يكون بسبب القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب كلهم. وإنني لا أجد داعياً للوم أي طرف عربي يعادي إسرائيل أو يحاربها لأن إسرائيل، كما يشهد عليها التاريخ ويشهد عليها المراقبون من مختلف دول العالم، عدوانية ولا تلتزم بتطبيق اتفاقات السلام ولذلك فهي تضع حتى الدول العربية المعتدلة مثل مصر والأردن في مواقف حرجة. إننا عندما نتوجه باللوم إلى حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله بسبب مواقفهم المتشددة من العدو الصهيوني وعدم اعترافهم به تقابلنا إسرائيل بسياسة فرق تسد معتبرة اعتدالنا ظعفاً وانحيازاً وموافقة على عدوانها ضد إخواننا الفلسطينيين واللبنانيين من المتطرفيين الإسلاميين. فما ذا عسانا نفعل نحن المؤمنون بالحوار والسلام والديمقراطية؟ هل نعطي الإشارة لإسرائيل كبلد ديمقراطي بأننا معها ضد إخواننا؟ هذا ليس صحيحا بكل المقاييس. إخواننا في حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وغيرهم من التيارات الإسلامية تفهم الصراع بطريقتها التي لانتفق معها لكن علينا أن نعرف كيف نفرق بين من نختلف معهم في الرأي وفي الأساليب وبين أعداء لنا أتبث الواقع بأن صراعنا معهم مرير وطويل الأمد ولن يحل بالطرق السلمية وحدها فحتى قوة التفاوض مبنية على موازن القوى التي لن تكون في صالح قضيتنا إن أخذنا نتهم بعضتا البعض بالتشدد أو الاعتدال أو الاستسلام وحتى الخيانة حسب المواقع.

هـل كــان بالإمكــان إبــداع أحســن مما كــان؟

جمال عبدالناصر، صدام حسين ، ياسر عرفات وحسن نصر الله زعماء تاريخيون بارزون بدون منازع طبعوا تاريخ أمتنا العربية ببصماتهم شئنا أم أبينا ولعبوا أدوارهم كزعماء دفاعا عن مصالح الأمة العربية وعن كرامتها حسب المنطق السائد في زمن كل واحد منهم وحسب الظروف التاريخية والعوامل السياسية القائمة. وقد أفلحوا إلى حد كبير في تحريك مشاعر الأمة العربية وفي كسب تأييدها الواسع وقد كانوا نتاجاً منطقياً لحاجة ملحة عند الشعوب العربية ناتجة عن ثقافة سائدة في العقل العربي والوجدان العربي تقتضي وجود قائد كبير وقوي يجسد تلك القوة التي يمثلها العنصر العربي والمعبرة عن مجد ولى وبقينا نبحث عمن يعيد له الحياة من جديد اعتقادا من العرب أن ذلك هو السبيل الوحيد للعيش بين الأمم وكسب احترامها وفرض قوتنا عليها كي نتمكن من استرجاع حقوقنا المسلوبة في فلسطين .والسؤال الذي يجب أن نطرحه هنا هو: هل استطعنا كعرب أن نتوصل إلى إقامة أنظمة ديمقراطية حداثية تؤمن تداول الحكم و فصل السلط والاحتكام للشعب عبر صناديق الاقتراع لاختيار القادة ؟ وبعبارة أخرى: هل كان بالإمكان إبداع أحسن مما كان؟