2007/06/02

محمود درويش : مقهىً

محمود درويش : مقهىً
Uploaded by
LaPierreEtLaPlume

مقهىً وأنت مع الجريدة جالس
لا، لست وحدك
نصف كأسك فارغ والشمس تملأ نصفها الثاني
ومن خلف الزجاج ترى المشاة المسرعين ولا ترى
إحدى صفات الغيب تلك، ترى ولكن لاترى
كم أنت حر أيها المنسي في المقهى
فلا أحد يرى أثر الفراشة فيك
لا أحد يحملق في ثيابك أو يدقق في ضبابك
إن نظرت إلى فتاة وانكسرت أمامها
كم أنت حر في إدارة شأنك الشخصي
في هذا الزحام بلا رقيب منك أو من قارئء
فاصنع بنفسك ما تشاء
إخلع قميصك أو حذاءك إن أردت
فأنت منسي وحر في خيالك
ليس لاسمك أو لوجهك هاهنا عمل ضروري
تكون كما تكون فلا صديق ولا عدو هنا يراقب ذكرياتك
فالتمس عذراً لمن تركتك في المقهى
لأنك لم تلاحظ قصة الشعر الجديدة
والفراشات التي رقصت على غمازتيها
والتمس عذراً لمن طلب اغتيالك دات يوم
لا لشيء بل لأنك لم تمت يوم ارتطمت بنجمة
وكتبت أولى الأغنيات بحبرها
مقهىً وأنت مع الجريدة جالس
في الركن منسياً فلا أحدً يهين مزاجك الصافي
ولا أحد يفكر في اغتيالك
كم أنت منسي وحر في خيالك
أما أنا فأقول لاسمي دعك مني وابتعد عني
فإني ضقت منذ نطقت واتسعت صفاتك
خذ صفاتك وامتحن غيري
حملتك حين كنا قادرين على عبور النهر متحدين
أنت أنا ولم أخترك يا كلبي السلوقي الوفي
اختارك الآباء كي يتفاءلوا بالبحث عن معنى
ولم يتساءلوا عما سيحدث للمسمى
عندما يقسو عليه الإسم أو يملي عليه كلامه فيصير تابعه
فأين أنا وأين حكايتي الصغرى وأوجاعي الصغيرة
تجلس امرأة مع اسمي دون أن تصغي
لصوت أخوة الإنسان والحيوان في جسدي
وتروي لي حكاية حبها فأقول
إن أعطيتني يدك الصغيرة صرت مثل حديقة
فتقول لست هو الذي أعنيه
لكني أريد نصيحة شعرية
ويحملق الطلاب في اسمي غير مكترثين بي
وأنا أمر كأنني شخص فضولي
وينظر قارئ في اسمي فيبدي رأيه فيه
أحب مسيحه الحافي
وأما شعره الداني في وصف الضباب فلا
ويسألني: لماذا كنت ترمقني بطرف ساخر؟
فأقول: كنت أحاور اسمي هل أنا صفة
فيسألني وما شأني أنا؟
أما أنا فأقول لاسمي دعك مني وابتعد عني